فلسطين أون لاين

تغزو الأسواق والبيوت الغزية

"زينة رمضان".. تعظيم لـ"شعائر الله" وراحة نفسية واجتماعية

...
زينة رمضان - صورة أرشيفية
غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

درجت العادة في السنوات الأخيرة أنْ تزين الأسر الغزية بيوتها بحبال الزينة والفوانيس استقبالاً لشهر رمضان الكريم، فتشهد الأسواق الغزية حركة نشطة من بيع وشراء الزينة الرمضانية، التي يرى المقبلون عليها أنها تدخل البهجة والسرور على النفس، وخاصة الأطفال، وتميز شهر رمضان عن غيره من الشهور.

فالمواطنة ماجدة شعث اعتبرت زينة رمضان تغييرا للنفسية لا أكثر، وخروجا من الروتين الممل، كما قال سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه: "روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب إذا كلت عميت"، مشيرة إلى أن أهل غزة قلوبهم مليئة بالضغوط والهموم بسبب ما يعيشونه من ظروف صعبة.

في حين اعتبرت المواطنة حبيبة موسى أن زينة رمضان مطلوبة للشعور بأجواء مختلفة لكن دون "بهرجة" زائدة أو الإكثار منها،" يكفي إحضار شيء بسيط كحبل إضاءة وآخر للزينة مكتوب عليه رمضان كريم وفانوس أو اثنين، أما الإكثار من الزينة فهو من المظاهر التي لا داعي لها".

بدورها اعتبرت المواطنة إسلام الدقس أن تزيين المنزل والتجهيزات لأي مناسبة دينية مثل رمضان والعيد يقع تحت خانة (تعظيم شعائر الله)، "فأنا أشعر بأنه شيء لازم وضروري لكونه يعطي انطباعاً خاصة للأطفال الصغار بأن رمضان مناسبة دينية، فليست هناك مناسبة أعظم من رمضان لنحتفل بها ونسعد بقدومها".

وبينما اعتبرت ربا علي أن "زينة رمضان" تدخل الفرح على قلوب الأطفال، "فإنه شيئاً فشيئاً سيتعودون على أجواء مميزة لشهر رمضان، ويصبحون ينتظرونه من العام للعام".

وتقول:" فأنا في كل عام أشتري زينة رمضان وأشرك أطفالي في تعليقها في المنزل، بجانب إحضار الفوانيس لهم جميعاً، فهم لا يستوعبون رمضان دون فانوس".

رأس أولوياتنا

هذا الإقبال الكبير من ربات البيوت والفتيات على شراء "زينة رمضان" جعلها على رأس أولويات محال الأدوات المنزلية في أثناء تجهيزها لبضاعة رمضان، فصاحب محل "سمارت باي عفانة" في مخيم النصيرات بالمنطقة الوسطى مصطفى عفانة، يجهز لـ"رمضان" قبيل ثلاثة أشهر من بدئه لكونه الموسم الأقوى لمحال الأدوات المنزلية.

يقول: "منذ أربع سنوات خلت أصبحت "زينة رمضان" جزءاً أساسياً من عملنا في رمضان بالإضافة للأدوات المنزلية الأخرى، وقد تضاعف الطلب بشكل كبير جداً خلال العامين الماضيين بعد أن كانت في البداية تقتصر على بعض الناس".

ويلفت إلى أن الإقبال على شراء الزينة الرمضانية من قبل النساء عالٍ جداً، "فقد أصبحت جزءاً لا يتجزأ من تجهيزهن لرمضان".

ويشير إلى أن أهم ما تشتريه النساء من الزينة هو حبال وستائر الإنارة والفوانيس، "فنحرص على استيراد أشكال مميزة منها ونعرضها بأسعار منافسة تكون عامل جذب للناس، على قاعدة: البيع الكثير والربح القليل".

ولا يقتصر الإقبال –وفقاً لعفانة- على شراء الزينة على ربات البيوت، بل هناك فتيات كثيرات يأتين لشراء الزينة وانتقائها، خاصة أن هناك الكثير من البيوت تقيم زوايا رمضانية (تخصيص جزء من المنزل لأغراض الزينة الخاصة برمضان".

وتابع: "فكانت النساء قبل ذلك تشتري زينة بسيطة عبارة عن حبل إنارة وفانوس أما الآن فهن يشترين عدداً كبيراً من أحبال الزينة والفوانيس للزوايا الرمضانية المنزلية".  

وزاد بالقول: "كما أن أصحاب المحال التجارية المختلفة يشترون الزينة بصفتها عامل جذب للزبائن، ولفت انتباههم لما يعرضونه من بضائع".

ولوجود الزينة في المنزل آثار اجتماعية ونفسية إيجابية في الأسر الغزية، كما تبين الأخصائية النفسية والاجتماعية إكرام السعايدة، التي عدت زينة رمضان أحد الملامح والأجواء العامة التي تُشعرنا بالبهجة والسرور، وخاصة أنها أصبحت طقساً من طقوس رمضان.

أجواء إيجابية

ورأت السعايدة أن الظروف الاقتصادية الصعبة ليست مبرراً لعدم الفرح برمضان، حيث يمكن لربة الأسرة أن تصنع زينة رمضانية يدويا في المنزل، "فالزينة تضفي أجواء إيجابية على المنزل وتشي بالسعادة والبهجة بقدوم رمضان".

وأشارت إلى أن الزينة تعطي أهل البيت خاصة الأطفال إشعاراً بقدوم رمضان، وهو ما يسهم في غرس العادات الدينية والاجتماعية المقترنة بالشهر الفضيل من صيام وصلة أرحام وتكافل اجتماعي.

وقالت: "فالزينة تسهم في غرس تلك المفاهيم في نفوس الأطفال خاصة في المرحلة العمرية الدنيا "من 5-12 سنة" وربط الجوانب الدينية بناحية المشاعر والعواطف لدى الطفل".

وعبرت عن اعتقادها بأن هذا الاقتران الشديد لا يمكن حدوث انفصال له في المستقبل، "فسيظل لدى الإنسان ذكريات طيبة عن رمضان في طفولته".

واستدركت بالقول:" لكن قد يكون للإسراف في هذا الجانب في ظل عدم قدرة البعض على توفير المصاريف الأساسية في رمضان في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها غزة ما يشكل عبئاً على الأهل ويخلق لديهم شعوراً بالعجز عن توفير هذه الالتزامات الجديدة".

وإذ تبين أن هذه المشاعر السلبية تأتي من شعور الأهل بالعجز عن تلبية متطلبات أطفالهم ورغباتهم اللامتناهية، ومنها رغبتهم بوجود زينة رمضان في بيوتهم كأقرانهم ما يترك أثراً سلبياً على نفوسهم حال عجز الأهل عن توفيرها.

ودعت لأن تكون هناك مبادرات اجتماعية لتزيين المرافق العامة والمدارس والأحياء لإدخال البهجة على نفوس الأطفال من ذوي الدخل المحدود، داعية في الوقت ذاته لئلا تصبح زينة رمضان مجالاً للبذخ والترف اللذين لا داعي لهما، وتبقى في إطار المعقول.